هذا الفيديو يقدّم رحلة داخل واحدة من أكثر الوثائق إثارة في تاريخ الحرب العالمية الثانية: يوميات يوزف غوبلز، وزير الدعاية في الرايخ الثالث، التي دوّن فيها كل لحظة من أغسطس 1939 وحتى نهاية 1942. غوبلز، الرجل الذي رأى في الكلمة قنبلة تسبق المدفع، ترك خلفه سجلاً يتجاوز عشرين ألف صفحة، نصفها تقريبًا يغطي سنوات الحرب الحاسمة. منذ الساعات الأولى لغزو بولندا، نراه يسجّل لقاءاته مع هتلر، ملاحظاته على لغة البيانات الرسمية، وتجاربه في صياغة الأخبار التي تحوّل الهزيمة إلى “مناورة تكتيكية”، والدمار إلى “رمز للبطولة”. يومياته تكشف كيف كان يخطط لكل كلمة تُذاع في الراديو، ولكل صورة تُنشر في الصحف، وكيف كان يدرب المذيعين على نبرة الصوت، ويحدد الكلمات المسموح بها والممنوعة، ليبقى الخطاب النازي متماسكًا وصارمًا. الفيديو يضيء على تفاصيل دقيقة من هذه اليوميات: – انفعالات غوبلز النفسية بين النشوة والخوف، وبين الثقة بالنصر والتوجس من السقوط. – وصفه لعلاقته المعقدة مع هتلر، حيث يظهر أحيانًا تلميذًا مأخوذًا بكاريزما الفوهرر، وأحيانًا رجلًا مرعوبًا من مزاجه الغاضب. – الطريقة التي كان يبتكر بها الصور والاستعارات لتغليف القرارات العسكرية والسياسية، من “حماية الشعوب” إلى “تطهير الشرق”. – محاولاته المستمرة لاستخدام الفن والموسيقى والسينما كأدوات تعبئة، وكيف كان يرى أن لحنًا مؤثرًا قد يعادل وقع قنبلة على وعي الجماهير. ما يجعل هذه اليوميات فريدة هو أنها لا تكتفي بسرد الوقائع، بل تكشف كيف كان غوبلز يترجم الأحداث في ذهنه قبل أن يطلقها في الأثير، وكيف كان يعيش صراعًا داخليًا بين الأديب الذي يعشق البلاغة والإنسان الذي يختنق تحت وطأة الأكاذيب التي ينسجها. إنها شهادة مباشرة على مرحلة انتقل فيها الرايخ من نشوة الانتصارات في الغرب إلى بداية الإنهاك في الشرق، وهي أيضًا مرآة لشخصيةٍ رأت العالم كله مسرحًا كبيرًا، وجعلت من الكلمة والخطاب بديلاً عن المدفع أحيانًا، ومكملاً له في أغلب الأحيان.